هي زبيدة زوجة الخليفة هارون الرشيد
وهذه زبيدة لمن لا يعرفها .. قصة (( عين زبيدة ))
والتي تعتبر أحد النماذج للنساء العربيات اللاتي كان لهن أثر
كبير في التاريخ الإسلامي بل استطاعت هذه الأميرة العباسية أن تفعل أموراً لم تخطر
على قلب رجل أو امرأة، وظلت آثارها باقية.. إلى يومنا هذا .
الجديد الذي
جاءت به الأميرة زبيدة ؟!
نشأت الأميرة زبيدة في قصر جدها الخليفة أبو جعفر
المنصور فرأته وهو يؤسس الدولة العباسية، فتعلمت منه القيادة والمبادرة وهي ما زالت
في سن صغيرة.
فلما صارت شابه تزوجها ابن عمها هارون الرشيد، فأحبها كثيراً، وبنى لها قصراً جميلاً بالقرب من قصره، فلما دخلت قصرها في
أول ليلة، ورأت أن عدد
الجواري اللاتي يخدمنها 100 جارية كلفت كل واحدة منهن بقراءة جزء من القرآن.. وهكذا صار يُقرأ في منزلها القرآن كاملاً كل ليلة.
ولكن الدور الحقيقي للأميرة
زبيدة ظهر عندما حجّت مع زوجها هارون فرأت الحجاج يبحثون عن الماء في الحر ولا
يجدونه!!!
لذلك ما إن رجعت إلى مدينتها بغداد حتى نادت كبير المهندسين قائلة له
: احفر لي نهراً جارياً في مكة.
استغرب كبير المهندسين الفكرة.. فكيف يبني
نهراً جارياً في صحراء قاحلة.. وإن استطاع أن يفعل فسيكلفه الأمر كثيراً.. فقال لها
مثنياً عزمها عن الفكرة: إن الأمر سيكلفك كثيراً.. فردت عليه كلمتها الخالدة
: افعل.. ولو كلفتك ضربة الفأس ديناراً.
وأمام كل هذا العزم والإصرار، لم يجد
كبير المهندسين مفراً من تنفيذ الفكرة فأخذ العمال، وحفر الآبار،
وكسّر الجبال،
وفتت الصخور، فأخرج من الآبار مياهاً تجري على سطح الأرض صارت تسقي الحجاج مئات
السنوات ولم يتوقف دور الأميرة زبيدة في التأثير عند هذا الدور، بل أمرت العمال
ببناء الاستراحات على امتداد الطريق من بغداد إلى مكة.
وصار الحاج والمسافر
لا يشعر بالوحشة، لأن الاستراحات قد ملأت الطريق.
ابنة الخلفاء
لم تقل الأميرة زبيدة أنا ابنة الخلفاء، وزوجة الخليفة، وأم الخليفة.. وهذا دوري في
الحياة..
بل أمرت خازن أموالها أن ينفق على هذا المشروع الملايين تلو
الملايين،
ولم تقل إن حفر الآبار وبناء الاستراحات وخدمة الحجاج مهام رجالية أو مهام تقوم بها
الدولة بل باشرت وبادرت فنجحت.. وانتقلت إلى الدار الآخرة بعدما تركت أثراً عظيماً .
وفي البداية والنهاية لـابن كثير
قال ابن كثير : توفيت زبيدة زوجة
هارون الرشيد ، وأم الأمين ، فرئيت في المنام، وزبيدة هذه هي التي أجرت عيناً في
مكة ، المسماة: عين زبيدة ، فرئيت زبيدة هذه في المنام، فقال
لها ابنها: ما فعل
الله بك؟ قالت: كدت أهلك -أي: أُعَذَّب- فقال: وأين العين -عين زبيدة - وأجرها
وثوابها التي أجريتِها للحجاج؟ قالت: ما نفعتني بشيء، كادت تهلكني تلك العين، قال: ولِمَ؟ قالت: ما أردت بها وجه الله فما نفعتني. قال: وما نفعك إذاً؟ قالت: نفعتني
رحمة الله، ثم إنه ما مرت عليَّ ليلة إلا أقوم في السحر، فأتوضأ ثم أقوم على شرفات
القصر -قصر هارون الرشيد ؛ لأنه خليفة وهي زوجته- فأنظر في السماء وأقول: لا إله
إلا الله أدخل بها قبري، لا إله إلا الله أقضي بها عمري، لا إله إلا الله أقف بها
في حشري، لا إله إلا الله يغفر بها ربي ذنبي.
فهذا العمل القليل نفعها أكثر
من تلك العين، والمشروع الضخم الذي عد في التاريخ من أفضل المشاريع التي عرفتها
الأمة، ما نفعها بشيء: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً [الفرقان:23] إن عملاً لا يراد به وجه الله لا ينفع صاحبه
أبداً، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم كما أورده المنذري في الترغيب والترهيب : {يا
معاذ ! أخلص عملك يكفيك القليل} فإن المقلَّ مع الإخلاص يكفيه وهو من السابقين عند
الله عز وجل، والمكثر بلا إخلاص لا ينفعه، كالذي يحمل الحجارة على ظهره فهو لم يستفد منها، ولم يسلم من حملها وثقلها، هذافليُعلمهذا
نستكمل سيرة السيدة زبيدة
الأحد فبراير 21, 2010 10:53 pm